وكالة كردستان للأنباء  تحاور الدكتور محمود عباس
						
						الثلاثاء 14 أيلول / سبتمبر 2010, 16:12
كورداونلاين
						

						الهجرة ارغمتني على ان أخلف ورائي وطناً، وبسببها أضعت ذاتي الحقيقية، تبدد الكثير مني في دروب الضياع  أثناء هجرتي القسرية، وما أنا سوى نسخة من الإنسان الكردي 
							
						
  
نص المقابلة التي أجرتها وكالة كردستان للأنباء مع
الدكتور محمود عباس
 
الكاتب الكردي السوري محمود عباس:القضية الكردية تعيشني وأعيشها وهي جزء من حقيقة وجودي
01/09/2010 11:18 
 
 
 
أجرى المقابلة: صالح مجيد
 
واشنطن1أيلول/سبتمبر(آكانيوز)- يعتقد الكاتب السياسي الكردي السوري محمود عباس أن الفرد الكردي يتحرر من جميع أنواع المخاوف عندما يغادر الشرق الأوسط، ويتخلى هذا الفرد عن الكثير من العادات التي تعيق التطور الفكري، كالتناقضات ما بين الأفكار الروحانية والعلمانية المادية، ويرى محمود عباس أن القضية الكردية جزء من حقيقة وجوده وأنه أوصل هذه القضية الكردية إلى الكثير من المحافل السياسية والثقافية داخل المجتمع الأميركي، كما يتصور محمود عباس في نص متن المقابلة الاتية التي أجراها معه مراسل وكالة كردستان للأنباء(آكانيوز) في واشنطن أن تركيا لقنت سوريا طرقا في كيفية التعامل اللإنساني مع الكرد، لكنه بالمقابل يرى ان القضية الكردية جزء من حقيقة وجوده، وتعيشه ويعيشها.
 
  س 1- كيف تعبر عن حياة الإنسان الكردي في الولايات المتحدة؟ ماذا يفقد الإنسان الشرق أوسطي عندما يرحل عن بلاده؟ وماذا يكتسب؟ 
 
    ج 1- الصراع الفكري والثقافي لا يفارق الفرد الكردي منذ اللحظات الأولى لدخوله خضم الحضارة  أو المدنية الأميركية، لهذا يعيش هذا الإنسان في تناقضات داخلية مرعبة في كثير من الأحيان، رغم الاستقرار الاقتصادي الذي يحصل عليه نسبياً، يبقى الكردي متقوقعاً في عالمه الخاص، ويبقى الإندماج مع خارج الجالية ضعيفا، وهذا ما تفرضه ظروف العمل وليست الرغبة. والتعامل السياسي مع الواقع الأميركي لم يصل بعد إلى المستويات المطلوبة، وبالمقابل يعيش واقعا حياتيا ركائزه متماسكة وذات بنية صلدة ومن المتوقع أن تؤدي إلى مستقبل فيه من النجاح والتطور النوعي للإنسان الكردي بشكل عام. وعند الهجرة يتحرر الفرد من الخوف الذي يساير الإنسان في شرقنا وبشكل خاص خوف الإنسان الكردي من الجوانب الأمنية، والسياسية، والثقافية، والإقتصادية، وغيره. كما يؤدي إلى التخلي الطوعي أو المجبر عن الكثير من العادات التي تعيق التطور الفكري، كالتناقضات السفسطائية مابين الأفكار الروحانية والعلمانية المادية. ويكتسب أسلوبا حضاريا في التعامل مع المرأة والطفل والصديق، بل و الآخر من خارج مجتمعه الثقافي أو الديني. ويحصل على روعة حرية الكلمة، كما يتعلم معاني الرفاهية المعيشية، ويتعلم ان للدولة واجبات تجاه المواطن بل وللمواطن قيمة، مقابل هذا يخسر الكردي جزءًا من الذات الداخلية، والتي غالباً ما لا يعوضها بالرفاهية المادية. خصوصيات الحياة تختلف كلياً ما بين الواقع الأميركي والأوربي.       
 
   س 4- القضية الكردية تشكل حالة ملازمة للكردي المغترب شأنه في ذلك شأن أي مواطن يرحل مرغما عن بلاده، بوصفك كاتبا ومثقفا كرديا مغتربا، كيف ناصرت قضيتك إنسانيا وثقافيا؟
 
   ج 4- الهجرة ارغمتني على ان أخلف ورائي وطناً، وبسببها أضعت ذاتي الحقيقية، تبدد الكثير مني في دروب الضياع  أثناء هجرتي القسرية، وما أنا سوى نسخة من الإنسان الكردي في عالم القهر والظلم والضياع هذا، نبحث عن استقرارنا وعن ذاتنا التي تم جلدهاعلى مر التاريخ. القضية الكردية جزء من حقيقة وجودي، تعيشني وأعيشها، حاضرة في كل حديث وجلسة، أوصلتها وبسوية منطقية إلى الكثير من المحافل السياسية والثقافية داخل المجتمع الأميركي المتنوع بجالياته، كما لم أتقاعس يوماً في أستغلال أية فرصة ممكنة، سياسية أو ثقافية أو إجتماعية، في تعريف العالم بالقضية الكردية ومشروعية مطالبنا في الأجزاء الأربعة من كردستان، أقمت العديد من الندوات مع الشرائح المثقفة ومن جميع الجاليات العالمية، للتحدث عن القضية الكردية، لي الفضل بالقول بأنه تغيرت الكثير من المفاهيم لدى منظمات داخلية وخارجية  في ولايتي هنا حول القضية الكردية، لدي علاقات واسعة مع تنظيمات ثقافية إنسانية تهتم بشؤون شعوب الشرق الأوسط عامة والعلاقات الثقافية الإنسانية داخل أميركا بشكل خاص، والقضية الكردية حاضرة الوجود دائماً وبكل إشكالياتها. الأكثر بعداً عن التحدث في العلاقات الخارجية ثقافة وسياسة هم أعضاء الحزب الديمقراطي مقارنة بالجمهوري، ولا يعني هذا شح المعرفة أوصعوبة التفاهم معهم. مع إنني أقمت العديد من مجالس الشرح والتحليل والنقاش حول القضية الكردية والأختلافات الثقافية بين المجتمعين الكردي والأميركي وأسبابها.
 
   س 5- هناك شبه انقطاع بين الكرد في الشرق الأوسط والجالية الكردية في أوربا والولايات المتحدة، كيف يمكن بناء جسور للتواصل بينهما؟
 
    ج 5- لا أظن بأنه هناك  انقطاع، بقدر ما هو تكاسل، وأحياناً حالات ركود في الإتصالات الشخصية والتنظيمية، والواقع الإقتصادي من أحد أهم الأسباب في هذا الركود والتكاسل، إضافة إلى السبب الأمني بالنسبة لشعبنا في الداخل، ويبرر لهم هذا الإنكماش للظروف التي يعيشونها. نحن الآن في عصر الإنترنيت الذي يكاد يلغي المسافات والحواجز والحدود، كما أن العلاقات بين الجالية في أوروبا والداخل قوية رغم الحواجز الأمنية الهائلة التي تضعها السلطات في سوريا وتركيا وأيران، أما بالنسبة  لعلاقة المنظمات فلها اسباب أخرى خارجية وداخلية ولها قصور فاضح، لكن خلق هيئات ثقافية وإعلامية متنوعة مدعومة قبل كل شيء ببنية إقتصادية قوية سيقصر المسافات، وسوف تكثر جسورالتواصل العبور، وهذا ليس بالشيء المستحيل في عصرنا الراهن. وارى ان من أول مهام الإنسان الكردي هوالبحث عن نقاط التقارب بين المنظمات أي كانت أنواعها، وإيجاد المورد والدعم المادي المنتظم لهذه المنظمات، والذي بدونه سوف يكون هشاً وسهل التهديم. 
 
    س 2- شهدت مناطق كردستان تغيرات كبرى خلال السنوات الماضية، وعلى سبيل المثال انتقال إقليم كردستان العراق من مرحلة الكفاح المسلح إلى العمل السياسي والاستقرار الاقتصادي، والدعوة إلى إصلاحات دستورية داخل تركيا بشأن الأكراد، كيف تصف هذه التغيرات من وجهة نظرك؟
 
   ج 2- لاشك بأنه هناك تغيرات نوعية كبيرة في الوضع الكردي بشكل عام، لكن هناك بعض الحالات السلبية السلبي كما هو الحال في الواقع الكردي في سوريا وأيران، وإلى حد ما في تركيا، ولا ننس بأن نصف كردستان لا تزال في حكم الغائب، ولا تعترف تلك القوى التي كانت حتى البارحة لاجئة في شعاب كردستان، وأصبحت الآن تردد نفس النغمة البعثية، تعترف وبشكل صريح وواضح بعمليات التعريب التي قام بها صدام في كركوك لقطعها عن جسم كردستان، ألم يكن الخلاف الرئيسي بين بارزاني الخالد وصدام وحكومته على كركوك؟! ثم هل هناك إنسان كردي على البسيطة يقبل بعزل (سنجار) التي أهملت حتى النخاع عن كردستان، وغيرها من المناطق. لا شك بأن التخلص من الكفاح المسلح نقلة إنسانية يبتهج لها قلب كل كردي. اما فيما يخص تركيا فان مانراه من إصلاحات، لا تتعدى خطوات بالنسبة لمسيرة أميال طويلة بهذا الاتجاه من التغيير الذي يجب أن يحدث في تركيا، على الحكومة التركية أمتلاك القدرة السياسية الفعلية لتتجاوز هيمنة القوى الخفية التي تدير السياسة التركية، وتتمكن من التعامل مع القضية الكردية بواقعية، وتتقبل الواقع الفعلي، وأن تركيا لن تستطيع وضع حلول للقضية الكردية بدون قنديل وأوجلان، وقد أثبت التاريخ هذا الواقع في الحركات الكردية أيام حاول صدام تجاوز بارزاني الخالد في تسيير مناطق الحكم الذاتي بقوى أخرى خارج إرادة القوى المسلحة وقائدها. وعلينا أن لا ننسى بأن التطور الحضاري والتغيرات السياسية في العالم هي التي أرضخت تركيا على التطبيل لهذه الفرقعات من التقرب للقضية الكردية، فلو كانت جادة فعلاً لما لقنت سوريا الكثير من الطرق في كيفية التعامل اللإنساني مع الكرد هناك، وتدريبهم على الأساليب القديمة التي كانت تتبعها الحركات الطورانية في القضاء على تاريخ وجغرافية الإنسان الكردي، وهذا ما تقوم بها  الآن السلطة في سوريا، وتحالفاتها التكتيكية مع أيران في كيفية التعامل مع القضية الكردية بالإرهاب. ان التطور الذي يحدث على القضية الكردية في الشرق الأوسط مقارنة بالتغيرات الدولية لا يعني شيئاً، مع ذلك أرى بأن هذه التطورات الجزئية تعتبر خطوة إيجابية يجب إستغلالها، ومحاولة التقرب من القوى التي تطلب الخير والسلام للمنطقة في هذه الدول، كنقاط إنطلاق لإنجازات أشمل وأوسع أفقاً للمستقبل الكردي.  
 
   س 3- ماهي أبعاد الشراكة السياسية بين إقليم كردستان والعراق؟ وكيف يمكن للطرفين استثمار هذه الشراكة من أجل مستقبل أفضل؟
 
     ج 3- الثقافة التي نشرتها السلطات الدكتاتورية في الشرق الأوسط وعلى مدى أجيال، رسخت وبدون وعي فلسفة عدم قبول الآخر، وغرزت حالة الشك في مقدمة حالات التقارب، وأعتقد ان ذهنية الآمر والمأمور بين بغداد وأربيل تبدو في بعض القضايا واضحة، لذلك نرى العلاقة بين الأقليم والحكومة الاتحادية تزداد حرجاً في تلك القضايا، بل يشوبها يوماً بعد يوم عدم الثقة، اوقل التراخي وبخاصة القضايا العالقة التي تطالب اربيل بحلها، ونلاحظ وبين فترة وأخرى تخلق اشكالية في هذا الجانب او ذاك لتوتير العلاقة بين بغداد واربيل. انني ارى ان حسن نوايا اربيل تجاه الحكومة الاتحادية ببغداد صريحة وواضحة، وذلك أعتماداً على الدستور الفيدرالي الذي لا تزال الكثيرمن القوى السياسية في العراق لا تعترف به ضمنياً، معتمد في ذلك على منطلقين: الشك بنوايا الأقليم في الإيمان بالدستور، وهذا ما يقود تلك القوى بعدم قبولها بمبادئ الدستور وأعتباره كغيره من الدساتير التي غيرت وبدلت في الماضي. لذلك كثيراً ما لهذه القوى تأثيرات جانبية في عمليات التقارب والتعامل بين بغداد واربيل، ونحن هنا نتحدث عن الفيدرالية وليس الحكم الذاتي المرتبط كلياً بالمركز، كما الاحظ ان هناك الكثير من حقوق الأقليم في حكم الغائب بل يكاد ينعدم، والكثير من القضايا لا يراد لها أن تطرح على بساط البحث، وبالمقابل بين الفينة والفينة تقوم حكومة الأقليم وبخاصة من قبل رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني بالتاكيد على تمسكهم بوحدة العراق ودستوره، ونفي وجود اية نية في الإنفصال. وهنا اجد من الضروري جداً التمسك بمبادئ الدستور والقناعة به كحكم وفيصل في الاختلافات. والأهم من كل هذا، على القوى السياسية العراقية التخلص من الرهبة الذاتية الداخلية أثناء التعامل مع القضية الكردية، ومن التأثيرات الخارجية في عمليات تعاملها مع الأقليم الفيدرالي والقضية الكردية بشكل عام، وأعني بالقوى الخارجية، الدول العربية كسوريا، ومن ثم ايران وتركيا اللتين لهما دوركبير في رسم خطوط الشراكة السياسية بينهما. الرغبة والتمني بتطور العلاقات السياسية إلى الأفضل يختلف عن الواقع الملموس، والذي لاشك فيه بأن مستقبل العراق المشرق يعتمد على مبدأ  تقبل الآخر والتعامل والتقارب العقلاني في حسم كل القضايا العلقة اعتماداً على مبادىء الدستور..
 
والدكتور محمود عباس هو حفيد "شهيد ثورة بياندور" عباس محمد عباس، ولد في قرية نصران الكردية في سوريا عام 1952، وهناك أكمل دراسته الأبتدائية، وتخرج من جامعة دمشق عام 1976، وحصل على شهادة الدكتوراه في العلوم الجغرافية من جامعة موسكو عام 1988، هاجر بعدها الى اميركا..
 
(آكانيوز)1/9/2010