الخميس 11 أيلول / سبتمبر 2025, 13:03
بيوار ابراهيم:إعلامكم يخزينا و أعلامكم تقتلنا و مدننا تبكينا




بيوار ابراهيم:إعلامكم يخزينا و أعلامكم تقتلنا و مدننا تبكينا
الإربعاء 14 تشرين الثّاني / نوفمبر 2012, 13:03
كورداونلاين
بالتأكيد لم يعارضه حامل العلم, لف علمه بابتسامة عريضة كما ابتسامات رجالاتنا في وجه داود أوغلو و وجوه رجال المعارضة السورية في مؤتمر الدوحة و كأنهم نالوا كافة حقوق الشعب و حققوا نصراً سياسياً فاق انتصار باراك أوباما في انتخاباته العسيرة

إعلامكم يخزينا و أعلامكم تقتلنا و مدننا تبكينا

( إلى الهيئة الكوردية العليا )

 

بيوار إبراهيم

القصف الثلاثي على مدينة" سري كانيه", مدينة كانت في زمن ما أروع المدائن و أعظم العواصم في هذا الكون, لكن لعنة الكوردية الموشومة على ظهر كل شيء كوردي جعل من المدينة أول الأهداف الكوردية لتكون حطباً لحرب النظام السوري مع ثورة شعبه التي تحرق الأخضر و اليابس دون أن تفرق بين المذنبين و الأبرياء.

أكره ما في نفسي هي  الكتابة عن السياسة, لكن ما يجري اليوم في سماء هذا الوطن ليست سياسة بقدر ما هو دمار للمدائن و القرى, أيقنت مع التجربة أنه بمجرد القول أنني كوردية فهذا بحد ذاته عين السياسة لأنها تعتبر اختلاف عن الآخر و الاختلاف يعني التعددية و التعددية في قوانين الشرق الأوسط تعني الانقسام و الانقسام يعني " الذنب الأبدي" اقتطاع جزء من أراضي الوطن و ها هو الوطن يتحول في كل ساعة إلى أشلاء متناثرة تحت نيران حرب أبداً لم و لن تكون لنا إلا في حالة لملمة هذا التشرذم و التفرقة بين الأحزاب و المنظمات و التنسيقيات.

نوهت إن القصف ثلاثي على المدينة لأن الأتراك مشتركين بكل قواهم الخفية في هذه العملية التي فتحت معابرها بأيادي أبناء المدينة الانتهازيين, عملية عارية بحيث أعرت معها أسرار كثيرة كانت خافية عن الشعب المسكين و الأعزل, السؤال الذي يحرق لسان كل مراقب من قريب كان أو بعيد, ما الشيء الملفت في مدينة صغيرة آمنة مثل سري كانيه؟ مدينة متآخية بأطيافها المتعددة تنام و تستيقظ بصمت دون أن تفكر بشيء اسمه الحرب بين الطوائف أو القوميات. هل هو الإنتقام للمدائن السورية الأخرى التي دمرها النظام بطائرته و كما قرأت في إحدى التعليقات على قصف سري كانيه باللهجة الشامية" ما حدا أحسن من حدا"؟ مازال صدى صوت قائد الكتيبة التي دخلت إلى المدينة يمزق العلم الكوردي عبر صرخاته في وجه حامل العلم قائلاً له:

- هنا أرض سوريا و أنزل هذا العلم, أين كنتم عندما كنا نحارب النظام؟

بالتأكيد لم يعارضه حامل العلم, لف علمه بابتسامة عريضة كما ابتسامات رجالاتنا في وجه داود أوغلو و وجوه رجال المعارضة السورية في مؤتمر الدوحة و كأنهم نالوا كافة حقوق الشعب و حققوا نصراً سياسياً فاق انتصار باراك أوباما في انتخاباته العسيرة.

ألم يجدر بالشباب الكورد أن يسألوا قائد تلك الكتيبة أين كان هو و رجاله عندما حطم الشباب الكورد أصنام النظام في ثورتهم الآذارية المقدسة عام 2004؟؟؟ حينها كنا في أنظارهم و أفكارهم و حياتهم اليومية شعب من كوكب آخر و يرغبون بقطع جزء من أراضي الوطن كنا إسرائيل ثانية أو لاجئين أتراك لابد من اجتثاثهم شئنا أم أبينا؟؟؟!!! لماذا لم يساندوا إخوتهم في الوطن حينها عندما كانوا يواجهون القمع و الاعتقالات و  قتل الجنود الكورد يومياً في الجيش النظامي؟؟؟ أين هو الحب الذي يكنه العقيد مالك الكوردي للشعب الكوردي؟؟؟ يصرح دائماً إن الكورد جزء لا يتجزأ منا, ليعود اليوم ويحول مدننا الآمنة إلى ساحات لقتالٍ انتصاراته كما هزائمه لأنها بالواقع مدنناً هزمها الفقر السياسي و الفقر الاجتماعي و الفقر المادي بالرغم من جبروت ترابها في إنتاج الكثير من الذهب سواء كان ذهباً أسوداً أو حنطياً أو ابيضاً لكن مع الأسف لم يجلب كل هذا الذهب لساكنيه سوى الأهوال. الفقر,الحرب الذي لا منافس له في القضاء على الشعوب المضطهدة. ألا يكفي حرب التجويع الذي شنه النظام البعثي على الشعب الكوردي على مدى سنوات دون أن يشعر بهم أحد من أبناء سوريا العزيزة؟؟؟ اليوم يرغبون بتحويل من تبقى منهم إلى دمارٍ هالك و الأدمر من ذلك  الرغبات القاتلة لبعض الانتهازيين الكورد الذين يشبكون أصابعهم بغضب تارة و يوجهونها نحو أولئك الفقراء  تارة أخرى, يصرخون بغضب و الزبد يتقاطر من ألسنتهم الملتهبة:

- لأي شيء يعيشون و ما فائدتهم في هذه الحياة, فليكونوا وقوداً للثورة؟؟؟.

عندما انشق النقيب بيوار عن الجيش النظامي و التحق بالجيش الحر نزلت علي وابلٌ من الرسائل لتشابه الإسم, البعض من تلك الرسائل كانت مضحكة و البعض تهنئني على انشقاقي عن الجيش و البعض منها محملة بشتائم أفظع من طلقات الرصاص حينها وضعت نفسي مكان النقيب بيوار الذي إذا ما استلم تلك الرسائل بالتأكيد كان سيتمالك نفسه, تمالكت نفسي عن عدم الانجرار وراء حرب الأوهام التي تغزو العالم الآخر" الإنترنت", اليوم نطلب  من كل كردي التحق بالجيش الحر أن يضع نفسه مكان مدائنهم التي تتحول رويداً... رويداً إلى مشاريع للدمار و الهدم و يسأل نفسه:

- ماذا سنجني من تدمير مدائن آمنة خالية من التحديات المرتقبة و بعيدة عن أهدافهم الكبيرة, الخسارة فيها أكبر بكثير من الانتصارات؟؟؟ أم إن حقول الشؤم الأسود" البترول" الذي يلاحق الشعب الكوردي عبر الأزمان و العصور هدف مغري بحيث تدمر من أجلها المدائن الآمنة؟؟؟

عندما خرج الشعب الكوردي بكل انقساماته و تعدده الحزبي تحت شعار واحد" الهيئة الكوردية العليا تمثلنا" تنفست مدائننا الصعداء و  سقت أملها بوحدة الشعب مع الحفاظ على اختلاف الآراء, لكن الاختلاف تحول إلى خلاف و الخلاف تحول إلى مشاجرات و المشاجرات إلى الاتهامات و التخوين حتى بات الأمل الوحيد في وحدة الشعب يلفظ أنفاسه الأخيرة و هنا نرغب بتوجيه مسار الأسئلة بالتحديد إلى أشرس سياسي كوردي و أقدمهم و هو السيد صلاح بدرالدين الموشوم بالطلاسم, بالأمس دنست يده بمصافحة الطاغية صدام و اليوم  بات خادماً للخدام:

- إن لم تذق وحشة آلام وقود الثورة" الفقراء", إن لم تعرف كيف يحلمون, كيف يعيشون, كيف يصبرون على الألم, كيف يحمون أطفالهم و مدائنهم, اتركهم يتلذذون-على الأقل- بألم هذا الألم, اتركهم يرحلون نحو أعماقهم المليئة بالأمل و الألم معاً, إذا كنت تحاول تطهير يدك و طلاسمك هناك آلاف المطهرات الجاهزة, فلا تجعل من الدم الكوردي مطهراً ليدك و لأيادي الآخرين كن صلاح الدين الأيوبي الثاني كما ترغب لكن بعيداً عن الشعب الكوردي و بعيداً عن المدن الكوردية و عن أمنهم و سلامتهم.

نحن الفقراء" وقود الثورة" كما يسموننا, نطالب الهيئة الكوردية العليا و بالتحديد جناح  حزب الإتحاد الديمقراطي" PYD  " لأنه الأقوى في الوضع الراهن و الأنظم و أثبت قدرته و جدارته في كثير من المواقع إنه مستعد للتضحية بكل غال و نفيس - مع التحفظ للكثير من أخطائه- أن يخرج من برجه العاجي و تحجره الحزبي مع الجناح الآخر من الأحزاب الكوردية و يكون محوراً للوفاق و يبتعد قدر ما يستطيع عن الانشقاق فيما بينهم. و بما إن مدينة من مدائنهم تنام و تصحى تحت القصف, نسأل كل حزب و كل فرد و كل منظمة و كل تنسيقية اجتمعت تحت السقف المهترئ الذي أسموه" الهيئة الكوردية العليا":

 

- إلى متى سنبقى نحن "فقراء الله" الوقود الاحتياطي لثورات تشتعل و تنطفئ و لا نحصل على شيء, لا على بلح اليمن و لا على عنب الشام؟؟؟

- إلى متى ستبنون لنا بيوتاً من ورق و ليس من الرمال لأن البحور لا ترغب بالشعوب التي لا تدرك ما وراء المدى و لا ترى شيئاً سوى أثار خطواته التي تجرفه نحو الوراء؟؟؟ أراضينا مزروعة و مغمورة بالمغمورين الذين يتلذذون بابتسامات الكثيرين منكم, تلك الابتسامات التي تطمئنهم و تحمي ظهورهم و تدفئ قلوبهم في الوقت الذي يتحول فيه أبناء مدائنكم إلى أعشاب البحار و هياكل عظمية تحت خيام اللجوء.    

- إلى متى سنبقى غرفة تحت الدرج لأشقائنا الكورد في الأجزاء الأخرى ينزلون و يتسلقون كما يحلو لهم؟؟؟ إلى متى سنبقى جسوراً متحركة فوق سيول الآخرين يضعونها لعبورهم عندما يلزم الأمر و يرفعونها عندما تنتهي مهمة تلك الجسور حتى باتت تتحول رويداً... رويداً الى أسمال مهترئة بحيث  يكون مصير تلك الجسور في آخر المطاف قاع تلك السيول تجرفها إلى مالا نهاية.

- هل نصدق وعودكم؟ أم نسأل( فأين العلم أين العين­­­­­­­­­­ ----------   وأين الأين إذ لا أين) و إلى ماذا ستنتهي كل تلك الأينات؟؟؟ هذه الأينات و الالماذات التي تجرفنا نحو الدمار و الانهيار بحيث نصبح تلالاً من تراب و لن يرضى أحد بتنقيب تلك التلال لأننا مع الزمن سنتحول إلى تراب, لن يبقى من آثارنا أي شيء على العكس من أجدادنا الذين أثبتوا جدارتهم على البقاء عبر آلاف السنين.

مدينة  سري كانيه نفحة من تلك الأزمان, سيطر عليها حضارات كثيرة  و تسمت بأسماء كثيرة, سكنها الهوريون و الميتانيون و الآراميون و الآشوريون و الرومانيون... هذا ما يقوله التاريخ حسب العلم. لكنها حافظت على أجمل اسم و هو الاسم المشتق من " واشوكاني" و سر جماله يكمن في موقع المدينة الجغرافي على نهر الخابور و إطلاله على أكبر نبع في النهر الذي كان ينقل التجار في تلك العهود إلى مدن بلاد ما بين النهرين أو بلاد" مزوبوتاميا" . بالأمس قسمتها معاهدة لوزان سنة 1923  إلى قسمين و الفاصل بينهما السكة الحديدية وقع شمال المدينة في الأراضي التركية حيث تم تتريك الاسم  و تسمى اليوم " جيلان بينار" أما الباقي في الحدود السورية بقيت وفية لإسمها بالرغم من تعريبه لكنها بقيت " سري كانيه".  قد تكون الكتابة وهنٌ أوهن من بيوت العناكب أمام قصف المدائن, لكنها تبقى الوسيلة الأبقى لسرد حياة مؤقتة في هذا الكون.

قد يدعو موقف من المواقف إلى الشدة، التي قد يظنها الناس  خطا أو غلطة،   قد يكون البعض منكم قد غلط أو الكل منكم, لكن الأهم من الأغلاط و الأخطاء أن تبينوا دواعيها التي تؤدي إلى الشدة فيما بينكم ، حتى لا يفسرها أحد بأنها سوء خلق منكم أو أنانية, إن كنتم تبحثون عن الرتب و الكراسي المجال واسع  لمثل تلك الآمال السخيفة فلا داعي أن تحولوا مصير شعب بأكمله إلى الدمار في سبيل أشياء مؤقتة لن تستفيدوا أنتم منها و لا أولادكم, لأنكم ستصبحون حينها الهدف الأكبر للعنات شعب علق آماله و أحلامه و مستقبله على حبال وعودكم, فلا تقطعوا تلك الحبال عبر تشبثكم بالأنا و تحجركم  بصانع الأولة.  عندما يعيش المرء لنفسه فقط تبدو الحياة فارغة من المحتوى, تبدو قصيرة و مملة و تنتهي بانتهاء العمر, لكن عندما يعيش لهدف أو لفكرة أو مبدأ تتحول حياته إلى منارات تنير دروب الآخرين,  فما بالكم و انتم تكرسون حياتكم من أجل شعبٍ مضطهد.

ما يحز في النفس هذا الصمت الأخرس من قبل الكثيرين من الكورد الذين بكوا مدن سوريا و قراها و صحرائها و كل شبر فيها و اليوم باتوا خرسى أمام جروح مدينة من صلب تكوينهم القومي و إذا ما نطقوا يكون نطقهم نشازاً مزيفاً أشبه ما يكون كنعيق البوم أو وترٍ ينقطع بين الحين و الآخر.

نتوسل إلى الله و من ثم إليكم, الرجاء كل الرجاء إذا كانت أعلامكم هي سبب انشقاقاتكم و تشرذمكم, مزقوا تلك الأعلام لأنها تقتلنا بانشقاقكم, ارسموا شعاراً واحداً و اخطوا بخطى واحدة و اصرخوا بحنجرة واحدة و قاتلوا معاً في صفٍ واحد... مدائننا تنتظر أكثر مما قدمناها لها و بالأحرى ماذا قدمنا لها حتى الآن سوى الفقر و التشرد  سابقاً و أبعد الله عنها الدمار لاحقاً؟؟؟

إعلامكم و بياناتكم  تخزينا و أعلامكم تقتلنا و مدننا تبكينا دماً. إن لم نبكي أنفسنا و نبكي مدائننا التي تبكي علينا, لن يهرع لنجدتنا إنس و لا جن,  لن يبكي علينا بشر و لا حجر, سيكون اليتم صاحبنا و التراب خبزنا و البكاء ماءنا.

ياااااه...  كم تشعر مدائننا باليتم, تبكينا و لا نسمعها من شدة عويلنا على أنفسنا, كم نشعر نحن وقود الثورة باليتم, نحن الكورد يتامى الله,  اليتامى اللاجئون إلى اللجوء, ذاك اللجوء الذي يخزينا و يعرينا و يقهرنا قهراً أقوى  و أشد عذاباً من العذاب, بالله عليكم بعد اللجوء إلى اللجوء أي سعير بقي لنا لنتحصن بنيران سعيره؟؟؟.

591.

مواضيع جديدة في موقعنا الجديد اضغط هنا


ارشيف
ارشيف

صحافة وإعلام و آراء

كتاب الموقع
عبدالغني ع يحيى
العصر الطيني في العراق.
بنكي حاجو
الكذبة الكبرى
ب. ر. المزوري
النقطة
زاكروس عثمان
أحزاب خارج التغطية
إبراهيم اليوسف
النص الفيسبوكي 2.
عبد عبد المجيد
الفسيفساء السورية
أفين إبراهيم
رضاب الفراش
وزنة حامد
قلق الذات