إبراهيم حمو : تقع على عاتق ب ي د مسؤليات جسام
الثلاثاء 14 آب / أغسطس 2012, 10:38
كورداونلاين

لايستطيع أحد نكران أن ب ي د جزء أساسي وهام من المكوِّن الكوردي السوري، ويمتلك قدراتٍ وإمكانيات هائلة تؤهله بجدارة لأن يلعب دوراً سياسياً هاماً في مستقبل البلاد،
إبراهيم حمو تقع على عاتق PYD مسؤليات جسام
تماشياً مع ماهو سائد ودارج لدى الكثيرين من أبناء الشعوب التي تجاور الكورد، سأحاول جاهداً أن أعاملهم بالمثل لأزين الأمور بميزان المصلحة الوهمية بعيداً عن القيم الإنسانية التي تباهى بها الجنس البشري - عبر رحلته الطويلة في بعدي الزمان والمكان - وفي مقدمته يأتي شعبنا الكوردي الذي عُرف بسجاياه الإنسانية الحميدة بشهادة الأعداء قبل الأصدقاء، ولأول مرة سأحاول الإلتقاء (فرَضاً و جدلاً) مع من لم تروعه البربرية التي عامل بها النظام الأسدي أطفال درعا القصر، ولاالمجازر الرهيبة التي ارتكبها في حولة، أو في تريمسة أو في القبير، ولاهدم المنازل على رؤس أصحابها وساكنيها من الأطفال والنساء والشيوخ والجرحى وأصحاب العاهات في كل المدن السورية بلااستثناء من جراء القصف الوحشي لآلة التدمير الأسدية براً وجواً وبكافة أنواع الأسلحة الفتاكة التي دفع الشعب السوري ثمنها من دماء أبنائه وعرق جبينهم بغية استرجاع الحقوق المغتصبة، وحماية الأوطان، وصون الأعراض، ولأتساوى في ذلك مع البيانونية والعرعورية والغليونية والمالحية واللبوانية ومَن هم على شاكلتهم، ومن كان قبلهم من أقطاب الفكر العروبي من أمثال كولوفيد مقصود المندوب الأسبق للجامعة العربية في الأمم المتحدة، الذي غطَّى فيها بكل صلافة وصفاقة باسم جامعته المصونة على جرائم صدام في حلبجة الكوردية المنكوبة، التي غدت بلا منازع ترباً لهيروشيما وناغازاكي اليابانيتين اللتين تعرَّضتا للقصف النووي في الحرب العالمية الثانية في أغطس عام 1945، وبذلك أضحت الجامعة العربية شريكة الجريمة من خلال الدفاع عن حوبة صدام وعهره يومذاك في أروقة أعلى محفل دولي، ولكن رغم محاولتي المستميتة فلم أفلح في إرغام نفسي على معاملة هؤلاء بالمثل ولاأرضى ذلك لشعبي الكوردي أيضاً، ولن نهبط إلى مستوى من تشبع بالفكر العنصري.
إن أمثال هؤلاء صمتوا صمت أهل القبورعن جرائم نكراء ارتكبت بحق الأبرياء الكورد في عمليات الأنفال التي راح ضحيتها قرابة 200ألف كوردي من كافة الأعمارفي كوردستان العراق، والتزموا الصمت أيضاً حيال جرائم مشابهة على أيدي السلطات العنصرية التي تعاقبت على دست الحكم في سوريا بحق مواطنيها من أبناء شعبنا الكوردي منذ الوحدة السورية المصرية وحتى اليوم، حيث أقدم نازييوا العرب في سوريا بدم بارد وبدواعي عنصرية بحتة على حرق مايقرب من 250 تلميذاً كوردياً في المرحلة الإبتدائية في سينما بلدة عامودا عام 1960 – بعد أن حشروهم في ما يشبه الكوخ بحجة جمع التبرعات للثورة الجزائرية يومذاك - وهم بعمر الورود وجريرتهم الوحيدة أنهم ولدوا كورداً.
وفي شمال كوردستان القسم الملحق بتركيا حينما عزم آتاتورك على استجماع أشلاء الدولة العثمانية المنهارة وإعادة صياغتها - بعد سقوط الرجل المريض وتوزيع ممتلكاته على من كان ينتظرذلك على أحر من الجمر - تماشياً مع متطلبات المرحلة الجديدة، لم يتوانَ لحظة عن اتباع أخس الأساليب نذالةً، وأكثرها قذارة لتحقيق مُناه وغايته الأساسية في استعادة أمجاد الترك الزائفة، والعودة مجدداً إلى احتلال مايمكن احتلاله من أرض الغير، واستعباد مايمكن استعباده من الشعوب المجاورة، وسلب ونهب خيرات بلادهم، وإن كان السبيل إلى ذلك هو تقبير طموحات الآخرين، ورفع البنيان على جماجم أطفالهم وعظام نسائهم وشيوخهم، أوارتكاب أبشع الجرائم بحق الإنسانية، فمالبث أن تعمَّم وتجبَّب ودغدغ المشاعر الدينية والوطنية والإنسانية لدى الكورد وغيرهم من مكونات بلاد أناضول ومزابوتاميا ليستغلهم شر استغلال في محاربة خصومه، وما أن وصل إلى مبتغاه حتى كشَّر الذئب الأغبر عن أنيابه، وعاد من جديد إلى طبيعته الغابية، وضرب بالعهود والمواثيق - التي قطعها على نفسه لمن وقف معه في ساعات الشدة وأحلك الظروف - عرض الحائط وماشعر لحظة بالندم أوبوخزة ضمير أمام نكثه للعهود، وقد سارت الحكومات التركية المتعاقبة حتى اليوم دون استثناء ولاتزال تسيرعلى نهجه وخطاه في التنكر للحقوق واتباع سياسات التنكيل بالكورد دون رأفة .
وهذا مافعله الصفويون والعثمانيون من قبل، ومارسه العروبيون من بعد في سوريا والعراق في مجابهة الفرنسيين والإنكليز، ثم أداروا لهم ظهر المجن.
إن المعاملة بالمثل مستساغة لدى بعض من يعتقد خطأً أن الغاية تبرر الوسيلة، وحينها يمكن أن يُؤخذ البريء بجريرة المجرم، ويُقتل الأطفال والنساء، وتُنتهك الحرمات وأعراض الحرائر مادام القصد هو الإنتصار على الخصم، وكسب المعركة بأية وسيلة كانت كما يفعله المجرم بشار اليوم دون إيلاء أي إهتمام لأية معايير إنسانية وبعيداً عن الرأفة وعن محاسبة الضمير.
أما أولئك الذين تشرَّبوا القيم النبيلة منذ الرضاعة كابراً عن كابر، وترعرعوا في أحضانها ونهلوا من مناهلها، واستمات آباؤهم وأجدادهم في سبيل حمايتها وصونها ونشرها بين الأمم، قطعاً لايمكنهم التغاضي عن هكذا جرائم، أو الهبوط من عليائهم إلى السفاهة الخُلُقية وشريعة الغاب مهما دعتهم الأسباب إلى ذلك ومهما تكالبت عليهم قوى الشر والإستبداد.
من منا في مقدوره أن يقف وقفة اللامبالاة أمام ماجرى ويجري في درعا وحولة وحمص ودمشق وحلب وديرالزور واللاذقية وادلب وحماة وباقي المدن السورية التي تترنح تحت وطأة ضربات الترسانة العسكرية الأسدية الغاشمة بلا وجه حق، والعالم يشهد أنهم ماحملوا في أيديهم حتى الشهر السادس من عمر الثورة قطعة حديدٍ، وحناجرهم كانت تصوح وتدوي سلمية سلمية ولاشيء سواها.
ماأريد الوصول إليه هو أن شعبنا الكوردي حضاري بفطرته، فلن يسكت قطعاً على موبقات هذا النظام الدموي الحاقد التي اقترفها ولايزال يقترفها في كل بقعة من أرض سوريا سواء أأقرَّت المعارضة المصونة بما هو مطلوب منها - وهو الإعتراف الصريح الجريء بحقوق الكورد المشروعة - أم لم تُقرّ، وبالتالي فإن واجب الكورد بلا استثناء هو الوقوف بقوة إلى جانب الثورة السورية المباركة بكل مالديهم من طاقات، وبما تتوفر لديهم من وسائل مشروعة ، حتى يسقط السفاك ويأخذ جزاءه العادل على يد الشعب السوري المتعطش للحرية والكرامة والديمقراطية.
لكن لايعني هذا بتاتاً أن يتساهل الكورد بعد سقوط الطاغية مع كائن من كان ممن يتنكرون لحقوقه القومية المشروعة التي سلبت منهم طيلة العقود الماضية على يد السلطات الإستبدادية السورية المتلاحقة على دست الحكم بالتغرير حيناً، وبقوة الحديد والنار حيناً آخر، وبصمت مريب ممن اعتبروا أنفسهم معارضة.
يخرج علينا بين الفينة والأخرى من أقطاب المعارضة السورية العروبية وعلى مختلف تسمياتهم ومشاربهم من يبدي بتصريحات عنصرية نتنة تنم عن حقدٍ دفينٍ عشعش في النفوس تجاه شعبنا وحقوقه السليبة، وهم يكيلون بمكيالين، ما يحلِّلونه لأنفسهم يحرِّمونه على غيرهم، وآخر هذه التصريحات السامة التي من شأنها تمزيق اللحمة الوطنية ولاتبشر بخير، ولابمستقبل واعد لسوريا الغد، ماتناقلته المواقع الألكترونية على لسان العقيد رياض الأسعد قائد الجيش السوري الحر - من تهديد ووعيد حيال الكورد – رغم أنه لايزال يترنح أمام خصم شرس غدار ولايدري أين سترسو به السفينة، وقد سبقه في ذلك الفارس الإسلاموي الشهم السيد عرعور وهو يطلق تصريحاته النارية من قلب بلاد الحجاز في دعوة عنصرية جاهلية ممجوجة، رغم علمه بما قاله الرسول(ص) بشأنها، ودعوته الواضحة إلى لفظها ورميها جانباً"دعوها فإنها منتة " في إشارة واضحة إلى العصبية القبلية الجاهلية.
أمام هذه الثقافة البدائية الرعوية الناكرة لحقوق الآخرين ليس أمام الكورد سوى الإعتماد على الذات، وعلى الأشقاء والأصدقاء ممن يؤمنون بعدالة قضيتهم، بغية ردع وتخريس أصحاب التخرُّصات والهرطقات المتطاولة على حقوقهم التاريخية العادلة.
معلوم لدى الجميع أن الكورد انخرطوا في صفوف الثورة منذ البداية على مستوى التنسيقيات الشبابية التي تعبر عن الضمير الشعبي العام وماتخلف عن الحراك الثوري في المناطق الكوردية سوى قلة من التنظيمات التي لا تمتلك رصيداً شعبياً يذكر بين الكورد، وبقية التنظيمات إن لم تعلن مشاركتها بشكل علني في بداياتها لأسباب معروفة لدى الجميع من خلال بياناتٍ رسمية، إلا أنها انخرطت فيها عملياً على مستوى قواعدها ومؤيديها ومناصريها.
أما بشأنPYD فكلنا نعلم أنه الوليد الشرعي ل PKK التنظيم الأصل الذي غدى محظوراً وملاحقاً في سوريا عقب مؤامرة دولية بموجبها تم تسليم زعيمه السيد عبد الله أوجلان إلى تركيا ليقضي بقية حياته في سجن إمرالي الجزيرة التركية في بحرإيجة، ونتيجة لاتفاقية أمنية - استهدفت هذا التنظيم بالدرجة الأولى وقَّعها الطرفان(التركي والسوري) في أضنة لاحقاً - توترت العلاقات بين النظام السوري والتنظيم المذكور حتى عهد قريب، حينما وصلت الثورة السورية إلى مرحلة متقدمة في تضييق الخناق على النظام وأعوانه، ومن خلال تكتيك سياسي، استبدل النظام أنيابه المكشَّرة بابتسامة عريضة ملغومة في وجه PYD وسمح لمقاتليه بالنزول من الجبال والإنتشار في مناطق كوردستان سوريا ليحلُّوا محل المفارز الأمنية للنظام، ويفتحوا مدارس رمزية تُعلِّم اللغة الكورية من قبيل الإيحاء بأن الأرض أصبحت محررة، وهي في قبضة الحزب، وبدؤوا بتسيير دوريات أمنية في تلك المناطق.
وكنتيجة طبيعية لهذه الخطوة الجديدة المفاجئة حدثت تشنُّجات مبررة بين أنصار هذا التنظيم وبعض المواطنين في مناطق من كوردستان سوريا، عالجتها اللجان الشعبية التابعة له بحساسية زائدة، نتجت عنها حوادث مؤسفة أودت بحياة بعض المواطنين الأبرياء.
لايستطيع أحد نكران أن PYD جزء أساسي وهام من المكوِّن الكوردي السوري، ويمتلك قدراتٍ وإمكانيات هائلة تؤهله بجدارة لأن يلعب دوراً سياسياً هاماً في مستقبل البلاد، وعلى طريق انتزاع حقوق شعبه المنكوب.
إن شعبنا الكوردي المتموضع في ثلاث مناطق متباعدة على الشريط الحدودي التركي السوري لاجبال فيها تسند ظهره، ولاقوة صديقة ذات هيبة تقف إلى جانبه في أية محنة دموية جديدة قد تحدث له نتيجة حسابات خاطئة، وبالتالي فإن واقعه لايحتمل مراهنات جديدة، لتصبح كوردستان سوريا حقل تجارب معروفة النتائج سلفاً.
إن PYD يعلم قبل غيره أن بشار الأسد لم يسمح له لتحل قواته المستقدمة من جبال قنديل محل قوات الطاغية المنسحبة، ولم يغض الأخير الطرف عن الخطوات الكوردية التي قام بها هذا التنظيم على الأرض حباً به، أو إيماناً بقضية شعبه العادلة، وإنما لغاية في نفس يعقوب قضاها، والتي تتمثل من وجهة نظرنا فيما يلي:
1- ليأمن جانب الكورد بعدم انخراطهم الجدي في العمل الثوري جنباً إلى جنب مع باقي مكوِّنات الشعب السوري، والنظام يعلم جيداً من هم الكورد وماهو بأسهم حين يشتد الوطيس.
2- لخلق بؤر التوتر بين الكورد أنفسهم حتى يصعب عليهم تجميع طاقاتهم تحت راية واحدة وبذلك يلتهون ببعضهم، وينسون العدو المشترك.
3- لزرع الفتنة بين الشعبين الشقيقين الكوردي والعربي من قبيل فرق تسد، وجرِّ البلاد إلى حرب طائفية.
4- ليوهم تركيا أنه بصدد تأسيس كيان سياسي كوردي بمحاذاتها كي يؤرق جفونها وينتف بشعرها، ويهددها بالتقسيم بين الحين والآخر، وهذه سياسة لعينة من قبل النظام، حاول من خلالها جر الجيش التركي للعب بالنار، بغية خلط الأوراق في المنطقة، وتوريط أكثر من قوة إقليمية في الصراع الدائر اليوم في سوريا ليذهب الحابل بالنابل، وتتوسع دائرة النار والإشتباكات الحاصلة بين الجيشين النظامي و الحر، فيتخلص حسب مايحلم به من قبضة الشعب السوري الذي أضحى يُضيِّق عليه وعلى عصابته الخناق يوماً بعد يوم على طول البلاد وعرضها، لأنه يعي جيداً أن اتساع رقعة الإصطدامات حتماً سيكون على أرض كوردستان بين قوتين مرشحتين لها، هما ورثة الصفويين من جهة، والعثمانين من جهة أخرى، تلكما الدولتان اللتان تقاسمتا بينهما أرض الكورد عقب معركة جالديران عام 1514التي دارت رحاها في كوردستان، وكان وقودها دائماً من دماء وأشلاء أبناء وبنات شعبنا، والتاريخ يثبت بالعيِّنة أن الدول التي تحتل أرض الكورد تختلف في كل شيء، إلا أنها تلتقي بسهولة وبدون استثناء على سحق الكورد وتقبير طموحاتهم، والحيلولة دون وصولهم إلى نيلهم حقوقهم القومية، وذلك لأن ظهور الشخصية الكوردية الإعتبارية ضمور لشخصيات أخرى مصطنعة في المنطقة، ويبدو أن التاريخ يعيد نفسه مجدداً، والكورد هم الضحية إن لم يتداركوا الأمر ليبعثروا أوراق الأعداء، ويشتتوا خيوط المؤامرة.
والإخوة في PYD مطالبون قبل غيرهم بمايلي: باعتبارهم القوة الكوردية الأكثر تأهلياً والأكثر استعداداً للتعامل مع ظروف مثيلة.
أ- الإعلان صراحة عن وقوفهم إلى جانب الثوار والثورة والجيش الحر.
ب- تغليب وترجيح أحقية القضية الكوردستانية في هذه المرحلة لهذا الجزء على بقية الأجزاء، بحيث يحرص الجميع على الإلتزام بشعارات توافقية في المناطق الكوردية بعيداً عن الصور واللافتات التي توحي للآخرين بالتبعية للخارج، فنحن اليوم بغنىً عن فتح أكثر من جبهة على أنفسنا في وقت لانقوى فيه على الدفاع عن جبهة واحدة.
ت- لابد من استيعاب كل القوى الشبابية الكوردية الثورية في جيش كوردي مدرب لايتبع بالولاء إلا لكوردستان وشعبها في هذا الجزء، يقف على أهبة الإستعداد تحسباً لأي طارئ متوقع للحيلولة دون تفرد الآخرين بالميدان، وخاصة أن المعارك الدامية بين عصابة الأسد والجيش الحر أصبحت على مشارف المدن الكوردية، وهنا يحضرني قول الشاعر الذي ينطبق على واقعنا الكوردي الذي بدأ يتحسن من حسن الحظ نسبياً رويداً رويداً في الآونة الأخيرة بعد إتفاقية هولير برعاية الأخ الرئيس مسعود البارزاني ولكن ببطء شديد:
مالي أراكم نياماً في بلهنيةٍ وقد ترون شهاب الحرب قد سطعى .
ث- التفاهم مع كافة القوى الثورية الفاعلة على الأرض في كل أنحاء سوريا، حتى يواجه قاتل الأطفال والنساء، ومخرب الديار وبائع الأوطان مصيره المحتوم في أقصر الآجال.
ج- ترجمة بنود معاهدة هولير الموقعة بينه وبين المجلس الوطني الكوردي إلى خطوات عملية وخاصة فيما يتعلق بتوحيد الخطاب الكوردي، وبالتنسيق التام مع باقي أطراف الحركة، وبالتشاور مع جميع الكورد المستقلين المتنورين المعنيين والمهتمين بالشأن السياسي الكوردي وفق آلية مدروسة وسليمة.
ح- إن كان القرار السياسي المستقل مطلوباً بمنأىً عن الإيحاءات الخارجية، فهو لايعني بحال من الأحوال عدم التنسيق وعدم التفاهم وعدم التشاور ، أوعدم الإستفادة من قدرات الكوردستانيين في الأجزاء الأخرى، بل لابد من مطالبتهم بالوقوف إلى جانب قضايانا المصيرية وحقوقنا المشروعة، ودعمنا ومساندتنا بكافة السبل المتاحة على أن لانحملهم فوق طاقاتهم، وأن لايكونوا أوصياء علينا فالشعب الكوردي فيه من الكفاءات والنبوغات مايمكِّنه من الإعتماد على الذات أولاً.
وأخيراً إن كنت قد خصصت جانباً واسعاً من مقالتي هذه حول PYD فلأنه يمتلك من الأجندة التي تؤهله لتحمل مهام المرحلة ومسئولياته التاريخية أكثر من غيره، وبالتالي فإن العبء الأكبر منها يقع على عاتقه قبل الآخرين، لايعني ذلك أن الأحزاب الكوردية التي انضوت معظمها تحت مظلة المجلس الوطني الكوردي غير معنية بما أسلفناه، بل إن المجلس الوطني الكوردي الذي أصاب بالتخمة طولاً وعرضاً. من واجبه أن يتماشى ويتلاءم مع استحقاقات المرحلة، وتقديم نفسه للشعب الكوردي على أنه أهل لتحمل مسئولياته، التي قبلها طواعية دون إكراه من أحد - بعيداً عن المحسوبيات الشخصية والحزبية الضيقة - وعليه الترفع عن الصغائر والأمور الثانوية، وأن يطوِّر نفسه ويتوسع أفقياً وشاقولياً وكيفياً حتى يستوعب جميع القوى الوطنية الكوردية دون استثناء، وليحظى باحترام شعبه الذي لايزال يتأمل منه المزيد من الحنكة السياسية، وممارسة المزيد من المرونة في التعامل مع الآخرين خدمةً لقضاياه المصيرية في ظل هذه الظروف الحالكة، وعليه إبداء درجة عالية من التضحية والعطاء المثمر، والشعب الكوردي نبيل ووفي بفطرته يسجل بأمان مكرمات الجميع، وسوف لن يغمط أحداً حقه مادام كان له عوناً وسنداً في أيام عسره ومحنته، والتاريخ سيكتب لهم مأثرتهم بأحرف من النور. 14/8/2012